Nombre total de pages vues

مرحبا بكم في مدونتي أتمنى لكم الاستفادة أخوكم الناصر عزيز

أخوكم الناصر عزيز الإمام الخطيب بجامع عمر بن الخطاب بالساحلين أرحب بكم متمنيا لكم الاستفادة وملتمسا منكم التعليق حتى أستنير بملاحظاتكم
كما أرجوكم الانخراط في هذا الموقع في خانة
s'inscrire
ووضع عنوانكم الالكتروني لمدكم بكل جديد بالموقع
كما بامكان السادةوالسيدات المقيمين خارج الوطن الذين يزورون هذه المدونة باستمرار متابعة الدروس والتسجيل لاجراء اختبار كتابي في نهاية هذه الدورة

samedi 30 avril 2011

حوار شيق بين صاحبين حول قيمتين متناقضتين:نفس معتزة بزينة الحياة وأخرى معتزة بالله


تجيء قصة الرجلين والجنتين تضرب مثلاً للقيم الزائلة والقيم الباقية، وترسم نموذجين واضحين للنفس المعتزة بزينة الحياة، والنفس المعتزة بالله. وكلاهما نموذج إنساني لطائفة من الناس: صاحب الجنتين نموذج للرجل الثري، تذهله الثروة، وتطغيه النعمة، فينسى القوة الكبرى التي تسيطر على أقدار الناس والحياة. ويحسب هذه النعمة خالدة لا تفنى، فلن تخذله القوة ولا الجاه. وصاحبه نموذج للرجل المؤمن المعتز بإيمانه، الذاكر لربه، يرى النعمة دليلاً على المنعم. موجبة لحمده وذكره، لا لجحود وكفره.
وتبدأ القصة بمشهد الجنتين في ازدهار وفخامة:{ واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب، وحففناهما بنخل، وجعلنا بينهما زرعاً.
كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً، وفجرنا خلالهما نهراً. وكان له ثمر }..فهما جنتان مثمرتان من الكروم، محفوفتان بسياج من النخيل، تتوسطهما الزروع، ويتفجر بينهما نهر.. إنه المنظر البهيج والحيوية الدافقة والمتاع والمال:{ كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً }.. ويختار التعبير كلمة { تظلم } في معنى تنقص وتمنع، لتقابل بين الجنتين وصاحبهما الذي ظلم نفسه فبطر ولم يشكر، وازدهى وتكبر.
وها هو ذا صاحب الجنتين تمتلئ نفسه بهما، ويعجبه النظر إليهما، فيحس بالزهو، وينتفخ كالديك، ويختال كالطاووس، ويتعالى على صاحبه الفقير: { فقال لصاحبه - وهو يحاوره - أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً }..ثم يخطو بصاحبه إلى إحدى الجنتين، وملء نفسه الاعجاب، وملء جنبه الغرور؛ وقد نسي الله، ونسي أن يشكره على ما أعطاه؛ وظن أن هذه الجنان المثمرة لن تبيد أبداً، أنكر قيام الساعة أصلاً، ولو قامت فسيجد هنالك الرعاية والإيثار! أليس من أصحاب الجنان في الدنيا فلا بد أن يكون جنابه في اهتمام ورعاية في الآخرة!
{ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه. قال: ما أظن أن تبيد هـذه أبداً، وما أظن الساعة قائمة. ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلباً }!إنه الغرور يخيل لذوي الجاه والسلطان والمتاع والثراء، أن القيم التي يعاملهم بها أهل هذه الدنيا الفانية تظل محفوظة لهم حتى في الملأ الأعلى! فما داموا سادة وكبراء  على أهل هذه الأرض فلا بد أن يكون لهم عند السماء مكان ممتاز
فأما صاحبه الذي لا مال له ولا نفر، ولا جنة عنده ولا ثمر.. فإنه معتز بما هو أبقى وأعلى. معتز بعقيدته وإيمانه. معتز بالله الذي تخر له الجباه؛ فهو يجيب صاحبه  المغرور منكراً عليه غروره وكبرياءه، يذكره بمنشئه المهين الحقير من ماء وطين، ويوجهه إلى الأدب الواجب في حق الله المنعم. وينذره عاقبة الغرور والكبرياء. ويرجو عند ربه ما هو خير من الجنة والثمار:
{ قال له صاحبه ـ وهو يحاوره ـ أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً؟ لكنا هو الله ربي، ولا أشرك بربي أحداً. ولولا إذ دخلت جنتك قلت: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً. فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك، ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً، أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً }..وهكذا تبرز
قيمة و  عزة الإيمان في النفس المؤمنة، فلا تبالي المال والناس، ولا تنافق  الغنى والكبرياء، وتنطق بالحق، ولا تجامل فيه الأصحاب. وهكذا يشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال. وأن ما عند الله خير من متاع الحياة الدنيا، وأن فضل الله عظيم وهو يطمع في فضل الله.وأن نقمة الله جبارة وأنها وشيكة أن تصيب الغافلين المتكبرين.
وفجأة تنقلنا الآيات  من مشهد الثمار  والازدهار إلى مشهد الدمار والبوار. ومن هيئة التكبر  إلى هيئة الندم والاستغفار. فلقد كان ما توقعه الرجل المؤمن:
{ وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، وهي خاوية على عروشها، ويقول: يا ليتني لم أشرك بربي أحداً }..
وهو مشهد مخيف : الثمر كله مدمر كأنما أخذ من كل جانب فلم يسلم منه شيء. والجنة خاوية على عروشها مهشمة محطمة. وصاحبها يقلب كفيه أسفاً وحزناً على ماله الضائع وجهده الذاهب. وهو نادم على إشراكه بالله، يعترف الآن بربوبيته ووحدانيته. ومع أنه لم يصرح بكلمة الشرك، إلا أن اعتزازه بقيمة أخرى أرضيه غير قيمة الإيمان كان شركاً ينكره الآن، ويندم عليه ويستعيذ منه بعد فوات الأوان.
هنا يتفرد الله بالولاية والقدرة: فلا قوة إلا قوته، ولا نصر إلا نصره. وثوابه هو خير الثواب، وما يبقى عنده للمرء من خير فهو خير ما يتبقى:
{ ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله، وما كان منتصراً. هنالك الولاية لله الحق، هو خير ثواباً وخير عقباً }..وتنتهي القصة بمشهد الجنة الخاوية على عروشها، و صاحبها يقلب كفيه أسفاً وندماً وجلال الله وعظمته تحيط  بالموقف، حيث تختفي وتزول قدرة الإنسان..
وأمام هذا المشهد يضرب مثلاً للحياة الدنيا كلها. فإذا هي كتلك الجنة المضروبة مثلاً قصيرة قصيرة، لا بقاء لها ولا قرار:
{ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض، فأصبح هشيماً تذروه الرياح، وكان الله على كل شيء مقتدراً }..هذا المشهد يعرض قصيراً خاطفاً ليلقي في النفس  الفناء والزوال. فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكن يختلط به نبات الأرض. والنبات لا ينمو ولا ينضج، ولكنه يصبح هشيماً تذروه الرياح. وما بين ثلاث جمل قصار، ينتهي شريط الحياة.
ولقد استخدم النسق اللفظي في تقصير عرض المشاهد. بالتعقيب الذي تدل عليه الفاء:
{ كماء أنزلناه من السماء } فـ { اختلط به نبات الأرض } فـ { أصبح هشيماً تذروه الرياح } فما أقصرها حياة! وما أهونها حياة!
وبعد أن يلقي مشهد الحياة الذاهبة ظله في النفس يقرر السياق بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض، والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام:
{ المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً، وخير أملاً }..المال والبنون زينة الحياة؛ والإسلام لا ينهى عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات. ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد.
إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة.
فما يجوز أن يوزن بهما الناس ولا أن يقدروا على اساسهما في الحياة. إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.
وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين فإن الباقيات الصالحات خير ثواباً وخير أملا. عند ما تتعلق بها القلوب، ، ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
وهكذا يتناسق التوجيه الإلهي للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم في الغداة والعشي يريدون وجهه. مع إيحاء قصة الجنتين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire